في يومٍ مليء بالجمال والإبداع، احتضنت مدينة زاخو عشرات اللوحات الفنية التشكيلية، التي ملأت حكاياتها قاعة الشهيد سلمان في قصر الثقافة والفنون، واختلطت ألوان الربيع مع ريشة الفنانين العراقيين الذين جاؤوا من مختلف المحافظات العراقية للمشاركة في معرض الفن التشكيلي.
وانطلق هذا الحدث الفني في الـ16 نيسان/ إبريل 2025، بالتعاون بين مؤسسة هواجس الثقافية ومديرية الثقافة والفنون في زاخو، ليبني جسراً ثقافياً بين الفنانين الكورد والعرب، ويعبّر عن التلاحم الفني في مناطق البلاد.
وشكّل المعرض فرصة ذهبية لاستعراض 70 لوحة فنية غمرت الحضور بالدهشة والإلهام، تلاقت فيها اتجاهات الرسم المتعددة التي تنتمي إلى مختلف المدارس الفنية، معبّرة بلغة الألوان عن تناغم البيئة العراقية وطبيعة كوردستان الساحرة.
وتميّزت الأعمال بإبراز الحياة المتدفقة على أرض غنية بخيراتها وتضاريسها المتنوعة. كما استعرضت الإرث الثقافي والتراث الاجتماعي، موثقةً مواقع أثرية تحكي أساطير الأجداد وحكاياتهم التي أسهمت في بناء حضارة إنسانية نابضة بالتعايش.
زاخو مدينة الفن والجمال
يقول مدير مؤسسة هواجس الثقافية العراقية رحيم السيد، لمجلة «كوردستان بالعربي»: تحت شعار «زاخو مدينة الفن والجمال»، ننظّم سنوياً فعاليات فنية وثقافية في المدينة، يشارك فيها فنانون تشكيليون من مختلف محافظات العراق. لننشر رسالتنا الفنية للعالم وهي «الفن وسيلة لنشر الحب والسلام في العراق».
وكشف السيد، أن مؤسسة هواجس تستعد لإقامة مهررجان ثقافي عربي في مدينة زاخو نهاية العام 2025، مضيفاً: كل عام نلمس محبة أهالي زاخو لنا، ودعمهم لإقامة المعارض الفنية، لولا ترحيبهم لما تمكنّا من الاستمرار بهذه الفعالية سنوياً.
ومؤسسة هواجس هي مؤسسة ثقافية فنية عراقية، تعمل في تنمية الثقافات و تجسير العلاقات بين المبدعين العراقيين، وتنظّم سنوياً فعاليات في إقليم كوردستان، بالأخص في مدينة زاخو.
زاخو ترّحب بالإبداع
وعبّر مدير الثقافة والفنون في زاخو، دلخواز موسى، عن أهمية المعرض، مؤكداً أنه يمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز التفاعل الثقافي بين فناني إقليم كوردستان وبقية محافظات العراق.
وكشف موسى لمجلة «كوردستان بالعربي»، أن لدى المديرية خطط مستقبلية لاستمرار النشاطات الفنية الكوردية والعربية المشتركة، لتبقى مدينة زاخو رمزاً للاحتفاء بالثقافة والفن، وأبوابها مفتوحة دائمًا لكل مبادرة تُثري المشهد الإبداعي وتعزز الروابط الثقافية.
جسر دلال الأثري
ومن بين أبرز الأعمال الفنية في التي عُرضت، برزت لوحة «جسر دلال الأثري»، للفنان العراقي علي لازم، الذي التقت به مجلة «كوردستان بالعربي».
وعن سبب اختيار «جسر دلال» لتحويله إلى لوحة فنيّة، يجيب لازم: يحمل الجسر دلالة حضارية مهمة، حيث يعتبر رمزًا لتاريخ وحضارة مدينة زاخو، لارتباطه بالأسطورة التي تحكي أن العامل الذي شارك في بنائه، حلم ذات يوم أن عليه يقدّم ابنته قرباناً لإنقاذ الجسر من الانهيار المتكرر خلال مراحل بنائه الأخيرة، وهكذا ارتبط الجسر باسم ابنة العامل، دلال، ليبقى شاهداً على عمق التراث الإنساني اللامادي الذي يمزج بين التاريخ والخيال.
وعن مراحل العمل والألوان، يقول لازم: بدأت برسم الخطوط الأولى واخترت الألوان الترابية تدرجات البني مع الأصفر، وأضفت اللون الأخضر لإبراز الطبيعة الخلاّبة، قياس اللوحة 1متر × 80 سنتيمتر، و استخدمت مادة الأكريليك.
وجسر دلال، هو جسر حجري قديم يقع فوق نهر الخابور في قضاء زاخو التابع لإقليم كوردستان، يجذب السياح من مختلف دول العالم، الأسطورة المرتبطة به تضيف له بُعداً ثقافياً فريداً، يشرح لازم: اخترت أن ارسم جسر دلال، لأرسل للعالم رسالة مفادها أنه لا ينحصر باعتباره وسيلة للتنقل بين طرفي الخابور، بل هو جزء من تراث مدينة زاخو.
رشيد صوفي: صحفي كوردي