شهدت العاصمة القطرية الدوحة مؤخراً تظاهرة فنية عالمية استثنائية، حيث نظمت وزارة الثقافة القطرية المسابقة الدولية لفن الخط العربي تحت عنوان «جائزة الأخلاق»، التي استمرّت من الرابع حتى العاشر من شهر أيلول الجاري والتي شارك فيها أكثر من 250 فناناً من جميع أنحاء العالم، امتدت مشاركاتهم من إندونيسيا شرقاً إلى المغرب العربي غرباً.

ما ميز هذه المسابقة عن غيرها من المسابقات التقليدية هو أسلوب التنافس المبتكر، حيث جلس الخطاطون أمام الجمهور وأكملوا لوحاتهم بشكل مباشر أمام أعين المتابعين، في أجواء يملؤها التنافس الشريف والفن العريق تحت إشراف نخبة من المحكمين المتخصصين.

تُوج 15 خطاطاً بلقب أفضل الخطاطين في هذه المسابقة، حيث توزعت المراكز الفائزة على تسع دول، مما يعكس التنوع الجغرافي والثقافي للمشاركين. فمن إندونيسيا فاز ثلاثة خطاطين، بينما حقق كارزان أفندي من كوردستان العراق - أربيل المركز الأول عن بلده، وحصدت إيران ثلاثة مراكز فائزة، فيما فاز خطاط واحد من اليمن.

كما تألق ثلاثة خطاطين من مصر، وحقق خطاط واحد من سوريا مركزاً متقدماً، بينما فاز خطاطان اثنان من الجزائر، وخطاط واحد من لبنان، مما يجسد الثراء والتنوع في مدارس الخط العربي عبر العالم الإسلامي.

فكرة كوردية

جاءت فكرة هذه المسابقة المبتكرة من الخطاط الكوردي صباح أربيلي، الذي اقترح الفكرة على وزارة الثقافة القطرية، والتي تبنتها ووافقت على تنفيذها، لتصبح واقعاً فنياً مميزاً يجمع خيرة الخطاطين من أنحاء العالم.

وفي حديث خاص مع مجلة «كوردستان بالعربي»، عبر الخطاط بژار أربيلي، الذي شغل منصب عضو اللجنة الاستشارية وضيف الشرف في المسابقة، عن إعجابه بهذا الحدث قائلاً: «هذه المسابقة غير تقليدية، ومن أحسن وأنجح المسابقات في تاريخ الخط، كون الخطاط جلس أمام الجمهور وأكمل لوحته بشكل مباشر أمام أعين الجميع».

أوضح أربيلي أنه تم اختيار خمسة خطاطين من بين الـ15 خطاطاً الفائزين كأفضل خطاط على مستوى العالم، مشيراً إلى أن النص الذي تم اختبار المتسابقين فيه هو الآية: «وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً»، حيث تم اختبار جميع الخطاطين الـ15 المرشحين للفوز بكتابة هذه الآية بخط الجلي الثلث. 

لوحة الفائز الأول في المسابقة

ووصف أربيلي هذه المسابقة بأنها «تظاهرة عالمية وخطوة جديدة وجريئة في تاريخ الخط على مستوى العالم»، مضيفاً أن الأيام الأربعة الأولى من المسابقة شهدت ندوات ثقافية متخصصة حول تطور الخط وتاريخه في الخط العربي والخط القطري.

تهدف «جائزة الأخلاق» إلى تعزيز مكانة الأخلاق في مجالات الثقافة والفنون، والاهتمام بفن الخط العربي الأصيل الكلاسيكي والحفاظ عليه باعتباره تراثاً إنسانياً جمالياً. كما تسعى إلى نشر الوعي الفني وتنمية التذوق الجمالي على المستوى المجتمعي وتعميقه لدى المتلقي، وربط معارف الأجيال تربوياً وإبداعياً.