دار الثقافة الكوردية تعزز الروابط العراقية
دار الثقافة الكوردية تعزز الروابط العراقية
September 25, 2025

تتربع دار الثقافة والنشر الكوردية على عرش المؤسسات الثقافية في العراق، إذ تعمل تحت مظلة وزارة الثقافة والسياحة والآثار منذ تأسيسها في مطلع السبعينات. وتضطلع الدار بمهمة حيوية تتمثل في إثراء المشهد الثقافي العراقي عبر تعزيز الثقافة الكوردية وإبراز تراثها العريق كعنصر أساسي في النسيج الثقافي الوطني.

في حوار خاص أجرته «كوردستان بالعربي» مع مديرها العام آوات حسن أمين، كشف عن اهتمام الدار بإصدار منشورات متنوعة تغطي طيفاً واسعاً من المجالات، تمتد من الأدب والشعر إلى الدراسات التاريخية واللغوية، فضلاً عن الكتب المترجمة التي تفتح آفاقاً جديدة على الثقافات العالمية.

وشدد أمين على أن رسالة الدار تتخطى حدود النشر التقليدي، إذ تسعى إلى «بناء جسور التواصل الثقافي بين الكورد وسائر الشعوب، وترسيخ التفاهم المتبادل وتعزيز الروابط الثقافية بين مختلف مكونات المجتمع العراقي».

وحول المحتوى الفكري لإصدارات الدار، أوضح أمين أنها تحمل في طياتها رسائل تعبر عن الهوية الكوردية وإسهاماتها في إثراء التراث الثقافي العراقي. وأضاف أن الدار تحرص على توثيق المساهمات الكوردية في مجالي الأدب والفكر، وتتناول تاريخهم وقضاياهم بأسلوب علمي رصين. كما تعمل الدار على تزويد المكتبات داخل العراق وخارجه بإصداراتها، سعياً منها للوصول إلى أكبر شريحة من القراء.

فريق متخصص وأنشطة متنوعة تعزز الهوية الثقافية

يكشف آوات حسن أمين عن الكوادر المتميزة التي تضمها الدار، إذ تحتضن نخبة من الكتّاب والصحفيين البارزين الذين يعملون جنباً إلى جنب مع محررين ومترجمين ومصممين محترفين. ويؤكد أن هذا الفريق المتكامل يسهم في إنتاج محتوى ثقافي رفيع المستوى يعكس عمق الفكر الكوردي ويعزز حضوره في المشهد الثقافي العراقي.

ولا يقتصر نشاط الدار على الإصدارات المطبوعة فحسب، بل يمتد ليشمل تنظيم فعاليات ثقافية متنوعة تهدف إلى التواصل المباشر مع المجتمع. وتتضمن هذه الفعاليات ندوات أدبية وفكرية تستقطب صفوة المثقفين والباحثين والأدباء لمناقشة قضايا الأدب الكوردي وتاريخه وتراثه الشعبي، فضلاً عن القضايا الثقافية المعاصرة.

وتحرص الدار على المشاركة الفاعلة في معارض الكتب المحلية والدولية، حيث تعرض أحدث إصداراتها وتفتح قنوات للتواصل مع المؤسسات الثقافية المختلفة، مما يسهم في تعزيز حضور الثقافة الكوردية على الساحة العالمية.

ويشير أمين إلى «اهتمام الدار بتنظيم معارض فنية متخصصة تضم لوحات ومنحوتات وحرفاً يدوية تجسد جماليات التراث الكوردي، مما يتيح للجمهور فرصة التعرف على تنوع وثراء الفن الكوردي».

وعلى الرغم من أن مقر الدار الرئيس يقع في بغداد، يؤكد أمين أن المؤسسة تبذل جهوداً حثيثة للتواصل مع المحافظات العراقية كافة. وتسعى الدار إلى «توسيع نطاق عملها عبر التعاون مع المراكز الثقافية المحلية والمؤسسات التعليمية في شتى أنحاء العراق»، الأمر الذي يسهم في تعزيز التواصل مع الجمهور المحلي ونشر الثقافة الكوردية على نطاق أوسع.

ويؤكد أمين في حديثه أن «هذا التوجه يعكس التزام الدار برؤية شاملة تهدف إلى إشراك جميع العراقيين في الاحتفاء بالتراث الكوردي وفهم دوره في إطار الهوية الوطنية الجامعة».

دعم الدراسات الكوردية وتعزيز حضورها في المؤسسات التعليمية

يكشف آوات حسن أمين عن جهود الدار الحثيثة في تعزيز تدريس اللغة الكوردية في المؤسسات التعليمية، إذ تعمل بالتنسيق مع وزارة التربية وجهات حكومية وغير حكومية لدعم هذا المسعى. ويشير إلى أن «الدراسات الكوردية واجهت تحديات عدة في فترات سابقة، منها شح الموارد، وضعف الدعم، وصعوبة توفير المواد الدراسية الحديثة».

ويؤكد أمين أن الدار تسعى جاهدة لتجاوز هذه التحديات عبر إطلاق مبادرات ثقافية وحملات توعوية تبرز أهمية اللغة الكوردية كمكوّن أساسي من مكونات الهوية الثقافية الوطنية. كما تعمل على «توفير المواد التعليمية المناسبة وتشجيع التعاون بين المؤسسات التعليمية والثقافية لضمان استمرارية الدراسات الكوردية وفعاليتها».

نشاطات متنوعة تعزز الحضور الثقافي

وفيما يتعلق بآخر نشاطات الدار، يوضح أمين أنها تقيم ندوات متخصصة تتناول الأدب الكوردي والتراث والقضايا الثقافية والاجتماعية، مستضيفة نخبة من المثقفين والباحثين لإثراء النقاش الثقافي وتوسيع آفاقه.

وتنظم الدار معارض ثقافية وفنية متنوعة تضم لوحات ومنحوتات وحرفاً يدوية، إلى جانب عرض إصداراتها المطبوعة، مما يتيح التفاعل مع شريحة أوسع من الجمهور ويعزز حضور الثقافة الكوردية في المشهد الفني العراقي.

وتحرص الدار على إقامة احتفالات ومهرجانات لإحياء المناسبات الثقافية والوطنية الكوردية، جامعة بين الفنانين والمثقفين والجمهور في احتفالية تجسد عراقة التراث الكوردي.

وتشارك الدار بفاعلية في معارض الكتب المحلية والدولية، حيث تعرض أحدث إصداراتها وتفتح قنوات التواصل مع دور النشر والمؤسسات الثقافية المختلفة. ويختتم أمين حديثه مؤكداً «التزام الدار بتقديم خدمة ثقافية راقية تجعل من الثقافة الكوردية جزءاً حيوياً من المشهد الثقافي العراقي، متجاوزة كل السياسات السابقة التي فرضت العزلة الفكرية».

 مسيرة حافلة

ولد آوات حسن أمين في الأول من مايو / أيار عام 1967 بمدينة السليمانية، حيث أكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، قبل أن يحصل على شهادته الجامعية من كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الموصل عام 1991.

بدأ مسيرته المهنية في إدارة التدقيق، ليتولى لاحقاً منصب مدير المديرية العامة للثقافة في السليمانية خلال الفترة من 2005 إلى 2009، حيث اكتسب خبرة واسعة في إدارة المشاريع الثقافية وتعزيز النشاطات الداعمة للهوية الكوردية.

وأثرى أمين تجربته المهنية بالعمل خبيراً ثقافياً في وزارة الثقافة بإقليم كوردستان، مما أتاح له فرصة التفاعل مع قضايا ثقافية متنوعة والتعاون مع مؤسسات محلية ودولية. وفي عام 2017، تولى إدارة دار الثقافة والنشر الكوردية بالوكالة، قبل أن يتم تعيينه مديراً عاماً بالأصالة عام 2019.

ولم تقتصر مسيرة أمين على العمل الإداري فحسب، إذ برز في مجالات الشعر والصحافة والترجمة، حيث تجاوزت إصداراته 24 كتاباً متنوعاً بين الشعر والمسرح والترجمة والصحافة. كما شارك في مهرجانات ثقافية دولية وقدم أعماله في عدة دول عربية وإقليمية، منها مصر ولبنان والأردن وإيران، حيث حظيت قصائده باهتمام واسع وتُرجمت إلى لغات عديدة.

وتقديراً لجهوده في تطوير الثقافة الكوردية وتعزيزها، نال أمين جوائز تقديرية من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان، ليضيف بذلك إنجازاً جديداً إلى مسيرته الحافلة في خدمة المشهد الثقافي العراقي.

 


هدى جاسم: صحفية عراقية




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved